أحدث الأخبار
الاثنين 29 نيسان/أبريل 2024
مصر تبحث تطبيق اختبارات نفسية قبل الزواج لمواجهة العنف الأسري!!
بقلم : أحمد حافظ ... 29.06.2023

**أيدت لجنة التماسك الأسري مقترح المفكرين والمختصين في شؤون الأسرة الداعي إلى ضرورة إجراء اختبارات نفسية قبل الزواج لمواجهة العنف الأسري، ما يمهد لتحويل المقترح إلى قرار حكومي. ويتم إلزام المقبلين على الزواج بإجراء تقييم لحالتيهما العقلية والنفسية للتحقق من مدى قدرتهما على إدارة الحياة الزوجية دون صدام يقود إلى ممارسة العنف بينهما، ذلك أن الفحص النفسي يساعد كل طرف على التعرف على خصائص الشريك أو عيوبه.
القاهرة - يوحي النقاش الراهن في مصر حول حتمية أن تكون هناك فحوصات نفسية للمقبلين على الزواج لاكتشاف العقد النفسية والعصبية للشريكين كبداية لمواجهة العنف الأسري، بتوجه الحكومة نحو تحويله إلى واقع، لكنها تترقب التوافق المجتمعي حوله.
وشهدت جلسات الحوار الوطني الخاصة بالشق المجتمعي قبل أيام نقاشات موسعة بين قوى فكرية وثقافية مدعومة من أحزاب وتيارات سياسية حول ضرورة وضع حد للعنف الأسري وإجراء كشف طبي نفسي على الشباب والفتيات قبل الزواج.
وقوبل المقترح بتأييد واسع من أعضاء لجنة التماسك الأسري في الحوار الوطني، بما يمهد لتحويل المقترح إلى قرار حكومي واجب تنفيذه لكل المقبلين على الزواج، أسوة بالفحوصات الطبية التي يجريها الشاب والفتاة قبل الزواج ولا يتم توثيقه بدونها.
وهذه أول مرة تطرح فيها فكرة إلزام المقبلين على الزواج بإجراء فحوصات نفسية وسلوكية، لكن أمام زيادة منسوب العنف الأسري من الرجل تجاه المرأة أو العكس، أصبح من الضروري أن تكون الفحوصات شاملة لتطبيق الكشف النفسي كي يتعرف كل طرف على خصائص الشريك أو عيوبه.
وتستهدف الخطوة أن يكون الشاب والفتاة على دراية كاملة بحالة الطرف الآخر قبل الزواج، بحيث يطلع الشريكان على الظروف الصحية والنفسية والسلوكية لكل منهما ليكون الارتباط قائما على المصارحة لتجنب الصدام مستقبلا.
وبدأت قوى مجتمعية وحقوقية عديدة تقتنع أخيرا بأنه مهما بلغت عقوبة العنف الأسري لن تقود إلى تحجيم الظاهرة، إذ يصعب على المرأة أن تقاضي زوجها إذا اعتدى عليها، خاصة أن الكثير من النساء يرفضن الحصول على حقوقهن بالطرق القانونية خشية انهيار العلاقة وتأثيرها على مستقبل الأطفال.
وهناك قناعة لدى أسر مصرية عديدة في مناطق مختلفة أن الطرف الذي يلجأ إلى القضاء لتأديب الشريك المعتدي من الأمور المعيبة التي تقود إلى فضيحة تلاحق العائلة، فالأعراف التي توارثتها الأجيال المتعاقبة كرست في أذهان البعض أن التقاليد يجب أن تكون الحاكم للعلاقة الزوجية.
وتتورط بعض السيدات في الزواج من رجال يبدو عليهم الهدوء ويحملون صفات جيدة في الظاهر ثم يتحولون إلى ذئاب بشرية مفترسة، منهم من لا يكفون عن الاعتداء الجسدي واللفظي على زوجاتهم، وهناك رجال يعانون من الزوجة المعتدية قولا وفعلا، لكنهم يكتشفون ذلك بعد فترة من الزواج والمعاشرة الحياتية.
وتغذي الفتاوى الدينية التي تصدر عن متشددين أحيانا العنف الزوجي، فثمة من يبيح للرجل تأديب زوجته بالضرب إذا خرجت عن طوعه، وآخر يسمح للمرأة بالدفاع عن نفسها ورد الاعتداء حتى تحولت بعض البيوت إلى حلبات مصارعة بين الزوجين.
ويتناغم الطرح الذي نوقش في الحوار الوطني حول إجراء فحوصات نفسية قبل الزواج مع توجه حكومي للتوسع في إلزام الشباب والفتيات بالفحوصات المطلوبة لعقد القران ليكون الرجل والمرأة على علم بكل شيء، ولأي درجة كلاهما متوافقان.
وتلزم الحكومة المصرية كل زوجين بالخضوع لفحوصات على كل أجزاء الجسد حتى الآن، ومن المتوقع إجراء تقييم للحالة العقلية والنفسية لهما قريبا للتحقق من مدى قدرتهما على إدارة الحياة الزوجية دون صدام يقود إلى ممارسة العنف في المنزل، وتهديد العلاقة بين الطرفين جراء الاعتداءات التي يمكن أن تحدث.
وطالب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الحكومة مؤخرا بإيجاد حلول جذرية لأزمة الطلاق من خلال نشر ثقافة الزواج الصحي، ودعم التوافق الفكري والنفسي بين الزوجين لحمايتهما وأولادهما من الوقوع في ورطة الانفصال أو ارتكاب العنف.
وتوافقت لجنة الأسرة في الحوار الوطني الدائر حاليا على ضرورة أن يتم إلزام المقبلين على الزواج بإجراء فحوصات لتقييم الحالة النفسية، تكون أقرب إلى اختبار متعلق بإدارة الخلافات المستقبلية وكيفية علاجها لمعرفة حقيقة كل طرف ونظرته للعنف.
وعادة ما ينتج العنف الأسري عن خلاف في وجهات النظر بين الزوجين أو تباعدا في المسافات بين أفكار الأبوين والأبناء، وقد يفشل الرجل والمرأة في الوصول إلى نقطة تفاهم حول أي مشكلة، أو يصبح هناك تربص بين الشريكين يقود إلى عنف مستمر.
وقال محمد هاني استشاري العلاقات الأسرية والمتخصص في الطب النفسي بالقاهرة إن مشكلة الكثير من الأزواج تتعلق بالإخفاق في إدارة العلاقة المشتركة وعدم معالجة الخلافات بطريقة حضارية وبعيدة عن العنف اللفظي والجسدي، وهي معضلة يمكن كشفها مبكرا بالفحوصات النفسية العلمية.
وأضاف لـ”العرب” أن الأهم من تطبيق الفحوصات النفسية توعية المجتمع بأنها ليست رفاهية بقدر ما هي تهدف إلى الحفاظ على الكيان الأسري من التفكك، فالارتباك النفسي ليس تهمة ويمكن علاجه بسهولة، والمهم الاحتواء العائلي للطرف الذي يستسهل العنف كبداية ناجعة للعلاج.
ولفت هاني إلى أن الفحوصات النفسية تساعد على نشر العلاقة الصحية السوية وتكرس ثقافة المصارحة بين الشريكين، وهي بداية لتأسيس حياة زوجية مستقرة بعيدة عن فرض الرأي بالقوة، ولذلك فالفحوصات تنير بصيرة كل طرف مع من يعيش.
ويشير خبراء إلى أن الحكومة لن تمانع في تطبيق المقترح إذا استوفى شروطه القانونية، ويمكنها أن تدرج الفحوصات النفسية ضمن كشوفات الزواج، لأنها ترغب في إقرار نظام متماسك للعلاقة الزوجية يقوم على المكاشفة قبل أن يصطدم كل طرف في شريكه ويجد نفسه يعيش حيرة بين خياري الانفصال أو الاستمرار.
وتقع الخلافات الزوجية العنيفة بسبب شعور أحد الشريكين بأنه يعيش مع طرف غريب عنه نفسيا لارتباط ذلك بالشخصية كجزء من صفاتها أو لأنه مريض بأزمة داخلية قد تدفعه إلى ارتكاب عنف لا إرادي، مع أن المشكلة قد تكون بسيطة.
وإذا تم إدراج الكشف النفسي ضمن فحوصات الزواج من المستبعد أن يتم التلاعب فيه، لأن المأذون سيكون ملزما بعدم إبرام العقد قبل أن يقدم الشاب والفتاة ما يفيد شهادة السلامة السلوكية والنفسية وخضوع كليهما لفحوصات من الجهة الطبية المعتمدة من قبل الحكومة لهذا الغرض.
وكما هو مطبق في الفحوصات الجسدية، ففي حال جاء تقرير اللجنة مؤكدا أن هذه الزيجة غير صحية نفسيا وذهنيا يجب أن يوقع الشريكان بما يفيد أنهما وافقا على استكمال العلاقة ويتحملان وحدهما التبعات، وليس من حق المأذون توثيق العقد إلا بموافقة كتابية من الشاب والفتاة على الحالة النفسية.
وتظل العبرة في اقتناع الأسر بجدوى هذه النوعية من الخطوات العلمية، والتعامل مع الزواج غير الصحي باعتباره مقدمة لمشكلات معقدة لن يجني منها أي طرف إلا المزيد من المخاطر على المستوى النفسي والصحي والاجتماعي، كما أنه لا يجب التعامل مع المصارحة كمقدمة للفضيحة، بل وسيلة لحماية الأسرة.

*المصدر : العرب
1