أحدث الأخبار
الجمعة 04 تشرين أول/أكتوبر 2024
1 2 3 41131
الزراعة المنزلية تنقذ السودانيين من جوع الحرب!!
03.09.2024

الخرطوم - جعل السوداني أحمد النور الحاج من منزله في شمال أم درمان، إحدى مدن العاصمة السودانية الثلاث، مزرعة صغيرة لزراعة الخضراوات والفواكه وأصناف أخرى، في محاولة لتوفير الغذاء في ظل الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من عام.والحاج في هذا الأمر كغيره من السودانيين ممن اختاروا البقاء في الخرطوم ومدنها الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، حيث باتت الزراعة داخل المنازل والمساحات الفارغة في الأحياء أحد البدائل للحصول على الغذاء. وقال الحاج، وهو موظف يبلغ من العمر (54 عاما) لوكالة أنباء الصينية (شينخوا) “دفعتنا الحرب إلى ابتداع هذه الوسيلة للحصول على الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي”.ويزرع الحاج الخضراوات الضرورية لعائلته مثل البصل، البامية، الباذنجان، الملوخية، القرع، إضافة إلى بعض الفواكه مثل الليمون والمانجو وأنواع من التمور. وتابع أن “في ظل ظروف الحرب لا يتوفر الكثير من الغذاء، كما أن المتوفر منه غال جدا، ولذلك فإن الزراعة في المنزل وسيلة فعالة للحصول على الغذاء”.ويعاني سكان الخرطوم من تداعيات الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل من العام 2023، وأبرزها نقص السلع الغذائية وارتفاع أسعارها وندرة في بعض الأصناف الرئيسية. ومع إغلاق معظم الأسواق وصعوبة التنقل في البلاد وشح السيولة النقدية، مثلت الزراعة المنزلية طوق نجاة من الجوع وانعدام الغذاء للآلاف من الأسر التي لم تتمكن من النزوح إلى ولايات آمنة.ويقول الخبراء إن الزراعة تعتبر العنصر الأساسي الذي يمد الإنسان بالمواد الغذائية وهي من أروع وأمتع الهوايات، هواية تعلم الكثير؛ التأمل، الهدوء، الراحة النفسية، التفكير بإيجابية، تكسبنا الخبرة من كثرة المراقبة والاستنتاج. والزراعة الأسرية أو المنزلية تحديدا تسهم في الحد من البطالة، سواء على مستوى ربات البيوت أو الشباب وكل أفراد الأسرة وتهدف إلى تمكين الأسرة ومحدودي الدخل من استخدام مواردها المحدودة في مشروعات لإنتاج غذاء صحي وطازج واقتصادي خال من الملوثات بهدف التحول إلى أسر منتجة للخضراوات والبروتين بغرض زيادة الدخل وتحسين الأمن الغذائي والتغذية للأسرة وتحسين مستوى المعيشة والتخلص من الفقر والجوع.وقال الخبير الاقتصادي عمر محجوب حسين إن موضوع الزراعة المنزلية موضوع بالغ الأهمية، لأنه يمكن الآن الزراعة حتى في أسطح المنازل وهناك دراسات للزراعة بدون تربة، والزراعة في المنازل تساعد في تقليل التلوث البيئي، وتنتج خضراوات طازجة، وتقلل درجات الحرارة، وتوفر إنتاج غذاء آمن، وأشار إلى أن الدراسات أثبتت أن زراعة متر ونصف المتر تنتج أكسجينا للفرد الواحد لمدة عام.
وقالت السودانية نادية عزالدين، وهي مواطنة من منطقة كرري بشمال أم درمان تبلغ من العمر (23 عاما)، “إن الزراعة المنزلية مكنت الآلاف من الأسر من توفير قوت يومها في ظل ظروف الحرب القاهرة”. وأضافت “أنا طالبة جامعية، بحثت عن وسيلة لمساعدة الأسرة، وقررت أن أقوم بالزراعة داخل منزلنا”.وتابعت “أقوم بالزراعة المنزلية لمحاصيل وخضراوات رئيسية نحتاج إليها بشكل يومي، لقد قمت بزراعة أصناف عدة”. ولا تقتصر أهمية الزراعة المنزلية على سد حاجة الأسر فقط بل باتت مصدر رزق من خلال بيع المنتجات في الأسواق القريبة وتوفير عائد مادي.وعلى مقربة من منزلها بمنطقة كرري، أقامت السودانية الأربعينية زهور صالح، وهي ربة منزل، محلا صغيرا لبيع الخضراوات. وقالت زهور “إن كل الخضراوات التي أقوم ببيعها تمت زراعتها في منزلنا”. وأضافت “استطعت توفير فرصة عمل من خلال الزراعة بالمنزل وبيع المنتجات وتوفير مصدر دخل يومي يساعدنا على تدبر حياتنا في ظل الحرب”.
ومن أجل تعزيز الزراعة المنزلية في العاصمة السودانية تعمل مبادرات أهلية مع سلطات ولاية الخرطوم على توفير البذور للسكان. وقال عثمان الجندي صاحب مبادرة “فكة ريق”، التي تنشط في توفير الغذاء، “إن وزارة الزراعة ستشرع خلال الأيام المقبلة في توزيع البذور على سكان مدينة أم درمان أولا، ومن ثم سيتم تعميم المشروع على مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري، استجابة لمبادرة فكة ريق”...وأضاف الجندي أن “الخطة التي قدمناها إلى سلطات وزارة الزراعة، تضمنت الزراعة المنزلية في دور الإيواء التي تضم الآلاف من النازحين”. وتابع أن “تجربة الزراعة المنزلية حققت نتائج باهرة، ولذلك نعمل على تعميمها في كل العاصمة”.وتتوفر في السودان كل المقومات لجعل الزراعة المنزلية وسيلة لتحقيق الأمن الغذائي ومكافحة نقص الغذاء، وفق الخبير الزراعي السوداني صلاح الدين إدريس. ويعيش حوالي 25.6 مليون شخص، أكثر من نصف سكان السودان، في مرحلة الأزمة أو أسوأ من ذلك من انعدام الأمن الغذائي، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).ومن بين هؤلاء يعاني 8.5 مليون شخص من مستويات طوارئ من الجوع، وحوالي 755 ألف شخص على حافة المجاعة في عشر ولايات، بما في ذلك دارفور الكبرى (جميع ولايات دارفور الخمس)، وولايات جنوب وشمال كردفان، والنيل الأزرق، والجزيرة، والخرطوم.وذكر مكتب الأمم المتحدة في آخر تقرير له أن خطر المجاعة مرتفع في 14 منطقة في ولايات دارفور الكبرى وكردفان الكبرى والجزيرة وبعض النقاط الساخنة في الخرطوم جراء تصاعد النزاع وتقييد وصول المساعدات الإنسانية وعدم قدرة الأسر على الانخراط في الزراعة وغيرها من الأنشطة الاقتصادية.

1