أحدث الأخبار
السبت 07 كانون أول/ديسمبر 2024
الباحث الكندي إيريك والبيرغ لـ صحيفة ”القدس العربي”: لعنة قابيل تلاحق إسرائيل.. و”الهجرة العكسية” تؤكد قرب زوالها!!
بقلم : حسن سلمان ... 31.05.2024

أكد الباحث الكندي إيريك والبيرغ أن العالم يشهد معركة كبيرة بين الرأي العام الدولي والصهيونية العالمية، مشيراً إلى أن الأخيرة بدأت تخسر هذه المعركة، مع قيام نصف مليون إسرائيلي بـ “اليريدة” (مصطلح عبري يعني هجرة اليهود من إسرائيل)، بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو “ما يبدّد الحلم الصهيوني المتمثّل في جمع كل يهود العالم في إسرائيل باعتبارها ملاذاً آمناً”.
ويعتبر والبيرغ من أبرز الباحثين المنتقدين للرأسمالية العالمية والدعم الغربي لإسرائيل، حيث ألّف عدداً من الكتب في هذا المجال، على غرار: “العلاقة بين كندا وإسرائيل”، و”إمبريالية ما بعد الحداثة: الجغرافيا السياسية والألعاب الكبرى”، و”من ما بعد الحداثة إلى ما بعد العلمانية: إعادة ظهور الحضارة الإسلامية”.
وقال، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “لقد باءت كلُّ محاولات إسرائيل لطرد الفلسطينيين قسراً إلى بلدان أخرى بالفشل، فنحن لسنا في عام 1948، أي قبل عصر التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي، ولن تقع أي دولة عربية فريسة للمخططات الإسرائيلية الرامية إلى تفريغ فلسطين من الفلسطينيين، كما أن أزمة اللاجئين العالمية لن تترك مجالاً لملايين الفلسطينيين الذين حوّلتهم إسرائيل إلى لاجئين (بعد قصف قطاع غزة)”.
وأضاف: “لقد بدأ يتضح كيف سيكون رد فعل جيران إسرائيل. حيث شارك الأردن في مرافعة شفوية أمام “محكمة العدل الدولية”، في فبراير/شباط، (بشأن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة)، كما انضمت مصر، الجارة الأكثر إخلاصاً لإسرائيل، إلى قضية جنوب إفريقيا أمام “محكمة العدل الدولية”، في إبريل/نيسان، (بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة)، ورفضت (مصر) طلب إسرائيل إيواء سكان غزة “مؤقتاً”. كما يواصل “حزب الله” اللبناني هجماته ضد المستوطنين الإسرائيليين، وتستمر سوريا في حربها لاستعادة مرتفعات الجولان وإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. وهناك إرادة جديدة بينهم لوضع نهاية نهائية لـ 75 عاماً من الإرهاب في إسرائيل”.
حلّ الدولتين انتهى
وفي ذات السياق، يرى والبيرغ أن حلّ الدولتين “انتهى منذ فترة طويلة. حيث يعيش أكثر من 500 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية، و220 ألف مستوطن في القدس الشرقية، و20 ألف مستوطن في مستوطنات مرتفعات الجولان، وهو ما يمثل 10% من سكان إسرائيل. ومنذ 7 أكتوبر، تم إجلاء 253 ألف مستوطن من الشمال، ويرفض 80% منهم العودة حتى يصبح الوضع آمنًا. ويتطلب حلّ الدولتين زعزعة استقرار هؤلاء المستوطنين غير الشرعيين، وترك مجتمعاتهم المسورة وراءهم. لنتذكر الإخلاء القسري للمستوطنين من غزة. هذه ليست صورة جميلة!”.
كما أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يرفض مناقشة فكرة إقامة دولة مستقلة للفلسطينيين، ويصرّ على السيطرة الإسرائيلية على فلسطين بأكملها. وإذا وافقت إسرائيل في النهاية على إجراء مفاوضات صادقة، فإن النتيجة الأفضل والوحيدة القابلة للتطبيق ستكون حل الدولة الواحدة (نموذج جنوب أفريقيا)”.
والبيرغ أكد أن إسرائيل “لا تزال عازمة على محو الفلسطينيين، لكن الأحداث تتحرك بسرعة (وبشكل معاكس)، ولن يستغرق الأمر الكثير من الوقت قبل أن ندرك أن الحفلة انتهت، وأننا يجب أن نواجه أخيراً العواقب المروّعة لـ 75 عاماً من الإفلات من العقاب. فقد قام بالفعل نصف مليون إسرائيلي بأداء “اليريدة”، في الأشهر الستة الماضية، وهو عكس “عاليا”، التي تعني هجرة اليهود إلى إسرائيل.
لقد انهار أخيراً الحلم الصهيوني المتمثل في جمع كل يهود العالم في إسرائيل باعتبارها (ملاذاً آمناً)”.
وأضاف: “لقد أصبحت “كتابة بيلشاصر على الحائط” مرئية للجميع. يذكّر دانيال (حماس) بيلشاصر أن أباه نبوخذنصر، عندما تكبّر (على الله)، سقط حتى علم أن الله له السيادة على مملكة الناس”، في إشارة إلى سفر النبي دانيال في التوراة الذي تنبأ بسقوط بابل.
ومن جهة أخرى، انتقد والبيرغ طلب المدعي العام لـ “الجنائية الدولية”، كريم خان، مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وقادة “حماس” بتهمة “ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، مشيراً إلى أن القرار، رغم أنه متأخر للغاية، إلا أنه يساوي بين إسرائيل وحركة “حماس”.
قرار “الجنائية الدولية” تأخر 10 سنوات
وأضاف: “نعم، لقد ارتكبت إسرائيل جرائم حرب، لكن هذا الحكم (قرار المدعي العام) كان ينبغي أن يصدر قبل عشر سنوات على الأقل، عندما غزت إسرائيل غزة (عام 2014)، ما أسفر عن مقتل 2310 أشخاص، 70% منهم من المدنيين. ومن المفترض أن يكون الغرض من تهمة جرائم الحرب هو منع المزيد من القتل. ولو تحركت “المحكمة الجنائية الدولية” في وقت مبكر، لكان من الممكن تجنّب يوم السابع من أكتوبر، وهو اليوم الذي يرمز إلى الأمل بالنسبة للفلسطينيين، والكارثة بالنسبة لإسرائيل”.
والبيرغ: ما تتجاهله إسرائيل أن هناك ستة ملايين فلسطيني في المنفى، لا يزال العديد منهم يملكون مفاتيح منازلهم المحتلة
واستدرك بالقول: “أما بالنسبة للتهم الفعلية، فإن أخطر الجرائم التي ترتكبها إسرائيل- التعذيب والإبادة الجماعية- لم يتم ذكرها حتى الآن، لأن القرار لا يزال مجرد طلب، ويمكن توجيه المزيد من الاتهامات إليه.
إن الدليل الفظيع على قطع أيدي المعتقلين بشكل فظيع بسبب التعذيب، واستعراض المعتقلين الآخرين بالملابس الداخلية أمام المستوطنين المتعطشين للدماء، سيبقى في أذهاننا حتى نموت. هذا هو الإجرام الذي يرتقي لجرائم النازية.
إن إفلات إسرائيل من العقوبات الدولية لم يؤدِّ إلا إلى جعلها تتصرف بشكل إجرامي أكثر فأكثر، كما أن إسرائيل والولايات المتحدة ترفضان الاعتراف بالمحكمة الجنائية الدولية”.
وأكد والبيرغ أن التهم التي ستوجهها “المحكمة الجنائية الدولية” لقادة إسرائيل “سيتم تجاهلها من قبل الولايات المتحدة وأقرب حلفائها في “الغرب الجماعي”، على الرغم من أنه يتعين على نتنياهو وغالانت توخي الحذر من المرور عبر دول أخرى في رحلاتهم إلى الخارج. وهذا هو أفضل شيء يمكن أن يحدث لنتنياهو وغالانت لإعادتهما إلى رشدهما”.
واعتبر أن حركة “حماس” “تمكّنت من توجيه ضربة قاتلة للمحتل، ولكن بتكلفة مروعة. وعلى الرغم من أن الفلسطينيين بالكاد يستطيعون البقاء على قيد الحياة الآن تحت السيطرة الإسرائيلية، إلا أنهم ما زالوا قادرين على المقاومة، ما ألْهَمَ حركات المقاومة في جميع أنحاء العالم، ودفع الآلاف إلى اعتناق الإسلام”.
وأضاف والبيرغ: “ما تتجاهله إسرائيل هو أن هناك ستة ملايين فلسطيني في المنفى، لا يزال العديد منهم يملكون مفاتيح منازلهم المحتلة، وأن هناك موجة تعاطف دولي كبيرة وتتصاعد مع الفلسطينيين، فضلاً عن علامة قايين (أو لعنة قابيل) التي وصم بها إسرائيل”.
وتابع بالقول: “لقد زادت إسرائيل -بلا خجل- إجرامها أمام العالم، والمعركة الآن بين الرأي العام العالمي والصهيونية العالمية. ولن يكون لحكم “محكمة العدل الدولية” أيّ تأثير على التصرفات الإسرائيلية، وبالتالي فإن حكم المحكمة لن ينهي الخوف والقتل في المستقبل القريب”.
ديمقراطية الغرب الزائفة
ومن جهة أخرى، اعتبر والبيرغ أن الهجوم الذي شنته “حماس” وفصائل المقاومة الأخرى في 7 أكتوبر، هو رد فعل طبيعي على الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن معظم القتلى قضوا بـ”نيران صديقة” عبر الدبابات والطائرات الإسرائيلية، وفق بروتوكول حنبعل.
وأكد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي “تقوم الآن بأعمال انتقامية خالصة عبر استهداف النساء والأطفال (بدلاً من مقاتلي “حماس”)، ومن الواضح أن القصد هو الإبادة الجماعية، أي القضاء على النساء والأطفال لتسريع القضاء على الفلسطينيين في المستقبل. ولو كانت إسرائيل جادة في إيجاد طريقة للعيش بسلام مع السكان الأصليين (الفلسطينيين)، فإنها لن تقوم بقتلهم وتعذيبهم بشكل عشوائي. ولا يمكن بأي حال المساواة بين ما تقوم به إسرائيل وما يقوم به الفلسطينيون، والذين لهم لحق في مقاومة الاحتلال بموجب ميثاق الأمم المتحدة”.
والبيرغ: الدليل الفظيع على قطع أيدي المعتقلين، واستعراض المعتقلين الآخرين بالملابس الداخلية أمام المستوطنين المتعطشين للدماء، سيبقى في أذهاننا حتى نموت. هذا هو الإجرام الذي يرتقي لجرائم النازية
وأضاف والبيرغ: “لقد ابتزّت إسرائيل السلطة الفلسطينية طوال الوقت لمنعها من اللجوء إلى “المحكمة الجنائية الدولية”، معتبرة أن ذلك سيكون “عملاً عدائيًا” وستكون له “عواقب”. وقد تعرضت “المحكمة الجنائية الدولية” للسخرية بسبب إصدارها مذكرات باعتقال بوتين وزعماء أفارقة، وخاصة أن هذا الأمر كان له دوافع سياسية واضحة. لكنها، ببساطة، لا تستطيع الآن تجنّب اتهام نتنياهو (بارتكاب جرائم حرب) استناداً إلى عشرات الآلاف من جرائم الحرب الموثقة. يبدو أن الحقيقة تظهر أخيرًا، مهما كانت الوسائل ملتوية”.
وحول التناقض الكبير بين موقف الشعوب والأنظمة الغربية في الموقف مما يحدث في غزة، قال والبيرغ: “مع استمرار المذبحة واستمرار تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، معظمها من الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، أقام الطلاب اليائسون مخيمات احتجاج على أراضي جامعاتهم، وزادت مجموعات الدعم الفلسطينية من دعواتها لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها. وقد حاول الغرب وقف ذلك؛ وهاجمت الدول المنتجة للأسلحة بشكل خاص المتظاهرين وحاولت تفريق خيامهم، واعتقلت وضربت الآلاف. كما فرضت إدارات الجامعات عقوبات على الطلاب، وطردتهم، كما تعرّضَ أعضاء هيئة التدريس المتعاطفين معهم في لموجة من الضغط النفسي، لكنهم انضموا بشجاعة إلى الطلاب، رغم أنهم مهددون بفقدان وظائفهم”.
وختم: “إن الانفصال بين النخب الحاكمة والجماهير، أو ديمقراطية الغرب الزائفة، لم يكن أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، ولكن الحركات الشعبية في مختلف أنحاء العالم تحرّك الجبل الإسرائيلي. الدراما تتكشف في الوقت الحقيقي”
*المصدر : القدس العربي

1